الجمعة الأربعون…فسيفساء بلون السلمية
تسعة أشهر كاملة تمر على بداية الثورة السلمية، الجمعة الأربعون من الحراك الشعبي، نزل فيها المتظاهرون بقوة، حيث كان عددهم في تزايد مستمر، مع مرور الساعات.
فسيفساء بشرية ،رسمها المتظاهرون الذي جاؤوا من ولايات الوطن المختلفة،لنرى لوحة في غاية الدقة والجمال.
دقائق قبل بداية المسيرة حمامات السلام تحط أمام جامع الرحمة، نقطة التقاء المتظاهرين بعد الفراغ من صلاة الجمعة، هتافات بالأمازيغية بصوت منخفض احتراما للمصلين ،صرخة شاب كان يصلي على حافة الطريق مناديا ” يا علي” لتعلن عن انطلاق المسيرة، لتدوي بعدها الحناجر،وتضيق الشوارع،وتحتل النسوة الشرفات،ويتحول المتظاهرون الى صحفيين ،يصورون الحقيقة بهواتفهم،من أجل توثيق ثورة الابتسامة.
شاب يرفع لافتة “والله مانفوطي(لن أنتخب) بهذه الطريقة” ، آخر يرفع شعار “الشعب للوطن، والوطن للشعب، ارحلوا”، بنت صغيرة على أكتاف والدها، تردد أغاني الحراك ،شباب يحملون صورة عبدالقادر حشاني، قائد سابق في جبهة الانقاد الاسلامية، في ذكرى وفاته العشرين، زوجان يلصقان عبارة تسقط الانتخابات، صحفيون يغطون الحراك ويرتدون شارات صفراء مكتوب عليها “صحفي حر”، نسويات يطالبن بإسقاط قانون الأسرة وينددن بالحقرة، أفراد الشرطة يسمعون مالا يرضيهم، حشود قادمة من كل الجهات، وصور المعتقلين متنشرة في كل مكان، أجيال متعاقبة تشهد كتابة التاريخ ،فسيفساء رائعة ملونة بلون واحد “السلمية”.
عندما تعود إلى منزلك منهكا، متعبا،تردد دون وعي، “مكانش انتخابات مع العصابات”، وتتصفح مواقع التواصل الاجتماعي،لترى فيديوهات لشوارع العاصمة المكتظة، والحشود العظيمة من علٍ ، تقول في نفسك لا يمكن لشعب كهذا أن ينهزم.